Kamis, 06 Maret 2014



فإنّ الأيام تنطوي والأهلة تتوالى والأعمال تدّخر وموعد لقاء ربه يقترب, أجيال تفدّ إلى دنيا كل يوم, وأجيال ترحل عن الدنيا, والغفلة تستولى على كثير من قلوبنا. حتّى غدا أكثر هم من بني أدم يبنون دنياهم وينسون أخراهم.

وفى أية أخرى "يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (الروم :7) الله اكبر أيها المؤمنون, ماأسرع الأيام! وما أقل الاعتبار! الأيام تتعاقب بين النهار والليال، والإنسان  مضى من هذه الدنيا كما مضت تلك الأيام.  تمرّ هذه الشهور وكأنّ أيامها لم تكن شيئا مذكورا، في بعض الأيام عزّ أفراد من الناس من بعد ذلّة, وذلّ أقوام من بعد عزّة, واغتنى أناس وافتقر أخرون, فى مرضى ومرض أصحاء وهكذا الأيام واليالى فى تقلّباتها وتحوّلاتها..، وكل تلك الأيام تنقضى من مرك يا إبن آدم, وأنت تقترب من الأخرة خطوة بعد خطوة, والموت يطلبك قليلا بعد قليل, والقبر يفتح لك ساعة بعد ساعة, وبم استعددت؟

قال حسن البصرى رحمه الله ::: يا إبن آدم إنما أنت أيام, كلما انقضى يوم ذهب بعض عمرك.

ياعباد الله! كم نحن نعيش فى هذه الدنيا الفانية؟ جاء فى حديث "أعمار امّتى بين الستين الى السبعين, واقلّهم من يجوز ذلك"

إذن الانسان من حيث عمره قصير قصير جدّا, بالنسبة للامة من قبلنا لبث في قومهم ألف سنة أو أكثر من ألف سنة. وإما أمة محمد لاتجوز على الستين او السبعين فما زادت من ذلك إلا قليلا منّا، قال تعالى "ومايعمّر من معمّر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب, إنّ ذلك على الله يسير" فإننا الآن ياعباد الله فى دار الدنيا المغرور, ولقد أفسح الله لنا بنعمة طول العمر, التى تسبغنا وتجدّدنا صباحا ومساءا. ولكننّا نسينا وغفلنا باستعمال هذه النعمة الغالية, ونضيع أعمارنا فى غير ما خلقناله في العبادة.

"خير الناس من طال عمره وحسن عمله, وشر الناس من طال عمره وساء عمله" "من أتت عليه اربعون سنة ولم يغلب خيره شره فليتهجّر{فليتجهّز} إلي النار" (الحديث)
إذا قد بلغ الانسان عمره اربعين سنة فإنه قد أغرق ثلثي حياته, والباقي الثلث الآخر خير عند ربك  لتزوّد بالأعمال الصالحات. فلنحرص -عباد الله- للاعتبار بما مضى من أيام عمرنا؟  فهل هذا التزوّد يعادل من عمرنا ما مضى؟ فهل  هذا الازدياد يوافى سيئاتنا وزلاّتنا؟ والله اعلم نسأل الله تعالى التخفيف فى الميزان والحساب,    

ياأخي الحبيب حاسب نفسك قبل أن تحاسب, لحظات قليلة لمحاسبة نفسك خير من مرور أيام ضائعة بلا فائدة ولا عمل, واعلم فإن اليوم عمل ولا حساب, وغدا حساب ولا عمل,وأعدّ نفسك  قبل أن يضيع عمرك, ولا يتيسّر الاستعداد إلا عند تجدّد الشكر على نعمة العمر فى القلب, {إقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}

فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت أى فالسعيد من جعل حياته زاداً يتزوّد فيها لآخرته . فتجالس أقواما يخوّفونك حتّي يدركك أمن فى الآخرة خير من أن تصحب أقواما يؤمّنونك حتّي يدركك الخوف فيها,

وفى الختام نسأل الله تعالى ان يصلح أعمالنا وأخلاقنا, وأن يحسن بالخواتيم أعمارنا,إنه سميع مجيب... والحمد لله رب العالمين.

0 komentar: